languageFrançais

استقالة رئيس الترجي بين الحجية القانونية و الأثر المرتقب

شكلت استقالة حمدي المدب من مهامه كرئيس لجمعية الترجي الرياضي التونسي حدثا رياضيا هاما يدفعنا اليوم لتأصيل الواقعة قانونا بتوصيف الوضعية القانونية لهيئة الترجي الرياضي التونسي ( أولا ) و من بعده تحديد حجية الاستقالة ( ثانيا ) لننتهي بالأثر القانوني للاستقالة ( ثالثا) .


أولا : الوضعية القانونية لهيئة الترجي الرياضي التونسي :


وفق أحكام الفصل الثامن عشر من النظام الأساسي لجمعية الترجي الرياضي التونسي فانه " تسير الجمعية هيئة مديرة متكونة من رئيس و اثني عشر عضو ينتخبهم المنخرطون " طبق الشروط والإجراءات المنصوص عليها .


و تكون المدة النيابية للهيئة المديرة المنتخبة محددة بثلاثة سنوات بداية من تاريخ الجلسة العامة الانتخابية عملا بأحكام الفصل الحادي و العشرين من النظام الأساسي لجمعية الترجي الرياضي التونسي.


و تعود آخر جلسة عامة انتخابية لجمعية الترجي الرياضي التونسي لتاريخ يوم الأحد الموافق لتاريخ 25/09/2011 التي أنتجت انتخاب القائمة الوحيدة المترشحة برئاسة السيد حمدي المدب و لمدة نيابية ثلاثية  أي إلى موفي شهر سبتمبر من سنة 2014 .


و بانتهاء المدة النيابية القانونية دعت الهيئة المديرة لجمعية الترجي لجلسات انتخابية جديدة ( في كثير من المرات ) مثلما تقتضيه أحكام الفصلين 13 و 22 من النظام الأساسي إلا أنه لم يقع الاستجابة للدعوة و لم تقدم أية قائمة ترشحها طبق الشكل و في الأجل القانوني مما حمل الهيئة العليا المستقلة المشرفة غلى الانتخابات إلى التصريح بــــ "تأجيل الجلسة العامة الانتخابية لعدم ورود ترشحات " عملا بأحكام الفصل الحادي و الثلاثين فقرة أولي من النظام الأساسي .  


و نظرا لعدم ورود ترشحات في كل الدعوات لإجراء جلسة عامة انتخابية فقد واصلت هيئة الترجي الرياضي التونسي برئاسة السيد حمدي المدب تصريف شؤون الجمعية إلى تاريخ اليوم مما يدفعنا للتساؤل حول قانونية هيئة تصريف الأعمال ؟


حقيقة و في صياغة قانونية مميزة مكنت أحكام الفقرة الثانية من الفصل الثالث و الثلاثين من النظام الأساسي لجمعية الترجي الرياضي هيئة تصريف الأعمال من  شرعية قانونية باعتبار أنها تستمد شرعيتها من أحكام النظام الأساسي و ليس من  شرعية الأمر الواقعي اذ جاء فيه أنه :


" و في صورة تواصل غياب الترشحات يقع إعادة تطبيق الإجراء المنصوص عليه بالفقرة المتقدمة إلى أن يتم تقديم ترشحات . و في الأثناء تواصل الهيئة المديرة المنتهية مدتها تصريف شؤون الجمعية إلى حين انتخاب هيئة مديرة جديدة " .


وهو الأمر الذي يكسب الهيئة الحالية حجية قانونية في جميع أعمالها باعتبارها هيئة تصريف شؤون بحكم القانون و بمصادقة المنخرطين المصادقين أساسا على النظام الأساسي المعتمد لجمعية الترجي الرياضي .


من ثمة فان جميع أعمال الهيئة الحالية تكون مضبوطة بأحكام النظام الأساسي   و منها أساسا و قياسا بواقعة الحال أحكام الاستقالة فماذا عن الحجية القانونية لاستقالة رئيس جمعية الترجي الرياضي التونسي ؟


ثانيا : الحجية القانونية لاستقالة رئيس جمعية الترجي الرياضي التونسي :
بداية يجب التأكيد أن السند المادي لاستقالة  رئيس جمعية الترجي الرياضي التونسي ال

سيد حمدي المدب لم نمكن منه و إنما فقط تعليق على ما جاء في الموقع الرسمي لجمعية الترجي الرياضي التونسي بتوقيع كاتبها العام بتاريخ يوم الثلاثاء الموافق لـــ26/09/2017 و الذي جاء فيه أنه : " بموجب مراسلة موجهة لإدارة النادي فان السيد حمدي المدب قرر التخلي أو  مغادرة ( بحسب اختلاف الترجمة المعتمدة للنص الفرنسي ) عن رئاسة جمعية الترجي الرياضي التونسي " .


مما يعني قانونا أن السيد حمدي المدب قد قرر طواعية و بموجب رسالة مكتوبة   وممضاة مودعة بكتابة النادي الاستقالة من مهامه كرئيس منتخب لجمعية الترجي الرياضي التونسي مستوفيا بذلك الشروط الشكلية للاستقالة كتابة وإمضاءا وإيداعا.
و هنا يجب التـأكيد أن مصطلح الاستقالة ذكر فقط في الفصل العشرين في فقرته الثانية و الثالثة عند الحديث عن " استقالة أحد أعضاء الهيئة المديرة " التي تخضع لشروط الاستقالة المضمنة بالفصل العاشر فقرة ثانية ممثلة في : " تقديم استقالة و توجيهها في ظرف مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ إلى رئيس الجمعية " .
  بالمقابل فان ذات الفصول لم تتحدث عن " استقالة الرئيس " و التي تمت الإشارة إليها بمصطلح أشمل صلب أحكام  المحور الثالث المتعلق بتغطية الشغور في الهيئة المديرة الذي جاء فيه في فصله التاسع والثلاثين استعمال عبارة " عند حصول شغور نهائي في منصب رئيس الجمعية " و هو مصطلح اشمل و أعم من مصطلح الاستقالة .


و اليوم فان حالة الشغور النهائي من منصب رئيس الجمعية تعني واقعيا  تقديم الاستقالة مكتوبة ممضاة مودعة و التمسك النهائي بها دون رجوع فيها لمعاينة حالة الشغور النهائي بما فيها من تمظهر قانوني ممثل في الاستقالة و تمظهر واقعي ممثل في الانقطاع الفعلي النهائي عن ممارسة مهام رئيس نادي , لكن ماذا عن الاثر القانوني للاستقالة ؟


ثالثا : الأثر القانوني للاستقالة :


للاستقالة اثر قانوني مختلف قياسا بإمكانية الرجوع فيها مما يولد أثرا معدوما     ( 1)  و آخر يولد أثرا منجزا لجلسة عامة انتخابية (2) .


1/ الأثر المعدوم للاستقالة :


بالرجوع لأحكام الفصل التاسع و الثلاثين من النظام الأساسي نلحظ أن عباراته أكدت صراحة  على " عند حصول شغور نهائي من منصب رئيس الجمعية " مما يعني إضفاء طابع التأكيد على حالة الشغور النهائي التي تثبت  سواء بحالة الوفاة        ( لا قدر الله ) أو بالتخلي النهائي القطعي عن المهام الثابت عبر الاستقالة القانونية النهائية و الانقطاع الفعلي عن ممارسة المهام و الدعوة القانونية و الفعلية  الثابتة لجلسة عامة انتخابية جديدة .


و في واقعة الحال فان" حالة الشغور النهائي" غير ثابتة بعد نظرا للإمكانية القانونية للرجوع التلقائي في الاستقالة  المقدمة خاصة و أن فصول النظام الأساسي لم تخضعها لمبدأ الأثر الحيني و لا لشكلية المصادقة من قبل الغير فيكون لصاحبها إمكانية الرجوع فيها في أجل معقول من تاريخ تقديمها  معتمدا في ذلك ذات الشكل الكتابي مع إيداعه مباشرة لدي كتابة النادي .


و في هاته الحالة يكون رجوعا قانونيا عن الاستقالة مع رجوع فعلي لممارسة مهام الرئاسة إلى حين نهاية الموسم أو إلى حين الدعوة لجلسة عامة انتخابية مثلما تقتضيه النصوص المعتمدة في النظام الأساسي . 


2/ الأثر النافذ للاستقالة : الدعوة لجلسة عامة انتخابية :


يكون الأثر النافذ للاستقالة في وضعية الحال بتمسك رئيس النادي بها و عدم الرجوع فيها و الامتناع الفعلي عن ممارسة مهامه مما يرتب معاينة ثابتة لحالة الشغور النهائي في منصب رئيس الجمعية و عليه تطبق أحكام الفصل التاسع و الثلاثون من النظام الأساسي لجمعية الترجي الرياضي التونسي بــــــ :


•    اختيار الهيئة المديرة من يتولي مؤقتا الرئاسة يقينا من بين أعضائها المنتخبين الممارسين فعليا لمهامهم النيابية إلى أن يتم تنظيم انتخابات جديدة طبق الإجراءات المنصوص عليها بالفصل 21 و ما بعده .
•    كل ذلك في اجل إلزامي لا يتجاوز ستين يوما من تاريخ الشغور النهائي  و الفعلي .


و في هذه الحالة يقع تنظيم انتخابات استثنائية وفق الإجراءات الاستثنائية المحددة بالفقرة الثانية من الفصل التاسع و الثلاثين , على انه إذا لم تتقدم قوائم تحظي بالقبول القانوني فانه يقع مرة أخري إعمال أحكام الفقرة الثانية من الفصل الثالث و الثلاثين بخصوص "مواصلة الهيئة المديرة المنتهية مدتها تصريف شؤون الجمعية إلى حين انتخاب هيئة مديرة جديدة" .


نهاية فان كل الفرضيات القانونية قائمة إلى حين تأكيد القرار أو الرجوع فيه         ( و هو الأمر الذي تؤكده اليوم كثير من المؤشرات الواقعية حفاظا على مصالح جمعية الترجي الرياضي التونسي )  لتحديد الأثر القانوني سواء بمواصلة المهام أو بالدعوة لجلسة عامة انتخابية استثنائية بشروط استثنائية .

بقلم
الأستاذ
طارق العلائمي
المحام و الخبير في القوانين الرياضية